وعود الإخوان المسلمين والرعي الجائر للدعاية الدينية والغزّية

{title}
أخبار الأردن -

  إبراهيم_غرايبة

ماذا سيقدم الإخوان المسلمون للأردن وفلسطين والحرب في غزة إضافة إلى ما يجري في الساحة الأردنية أو مختلفا عنه؟ ركزت الدعاية الانتخابية للإخوان المسلمين على الحرب في غزة (طوفان الأقصى) على نحو مبالغ فيه ويوهم بأنهم حراس على المقاومة وشركاء فيها أكثر مما يبدو وأكثر من الواقع وأكثر من المشاركة والدعم الشعبي والرسمي في الأردن. فهل هذا صحيح أو حتى ممكن؟

إن الإخوان المسلمين يحشدون كل طاقتهم في التضامن مع المقاومة في غزة بحرية من غير إعاقة، وهم في ذلك لا يختلف موقفهم عن الموقف الشعبي العام والرسمي. ليس ما يقدمه الإخوان المسلمون من تبرعات وإغاثة أكثر أو أهم مما تقدمه القوات المسلحة والحكومة والهيئة الخيرية الهاشمية، وتصريحات قادة الإخوان في الإعلام والمظاهرات ليست بعيدة عما يقوله وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي. وتضيف الحكومة الأردنية جهودا سياسية ودبلوماسية لدعم الفلسطينيين وإيقاف الحرب لن يزيد عليها شيئا مراد العضايلة لو كان أو صار وزيرا للخارجية. لن يضيف الإخوان المسلمون إلى العمل الشعبي والرسمي لمناصرة القضية الفلسطينية مهما كانت نتائجهم في الانتخابات القادمة حتى لو حصلوا على أغلبية برلمانية وشكلوا الحكومة. لن يقاتل الإخوان المسلمون في فلسطين وغيرها من البلدان ولن يحملوا سلاحا. ولو أرادوا لفعلوا ذلك. وعلى أي حال من يريد القتال والمقاومة والتحرير فإن طريقها ليس الانتخابات النيابية!

لكن يمكن للإخوان المسلمين أن يكونوا أكثر فائدة لو تخلوا عن الشعارات "الخمسينية" التي لم تعد تصدق ولا يمكن تطبيقها حتى لو كانت برنامج ترمب أو كاميلا، ولا تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية أن تطبقها حتى لو صار مراد العضايلة رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية.

تراودني نفسي بالهجاء لولا مودة للمهندس مراد العضايلة، وروح وطنية أشعر أنه يتمتع بها، لكن ذلك يجب الا يمنعنا أن نفكر معا كيف نتجاوز أزمتنا محليا وإقليميا ونخطو خطوات عملية مفيدة. يجب أن يدرك الإخوان المسلمون جوانب أهميتهم وما يمكن أن يضيفوه إلى المجال العمومي ولا يهدروا ما يمكنهم أن يفعلون في دعايات خرافية وحشود تشبه حفلات الزار. والأكثر أهمية يجب أن يتقدم الإخوان خطوات جديدة عما حققوه في تسعينات القرن العشرين بدلا من العودة إلى الوراء.

لنفكر ونتساءل بنزاهة وواقعية. ماذا يمكن للإخوان المسلمين أن يقدموا أو يضيفوا للانتخابات النيابية ونتائجها؟ وما موقعهم الصحيح والملائم في العمل العام؟ ومن هم المواطنون الذين يمثلهم الإخوان المسلمون؟ من هم القواعد الاجتماعية والانتخابية للإخوان المسلمين والطبقات الاجتماعية والمهنية والتيارات الفكرية والأيديولوجية التي يجب أن ينقل الإخوان المسلمون مصالحها وأفكارها وتوقعاتها إلى مجلس النواب أو يؤثروا لأجلها في السياسات العامة والتشريعات سواء بالإيجاب؛ أي تحقيق أعمال وبرامج وسياسات وتشريعات جديدة أو التغيير فيما هو قائم باتجاه هذه الأهداف والمصالح، أو بالسلب؛ أي منع تغيير سياسات ووقائع وتشريعات يؤيدها الإخوان المسلمون أو تريدها الطبقات والفئات التي تنتخبهم وتراهن عليهم؟

إن فكرة "الأسلمة" قد بلغت مداها الأقصى ولم يعد ثمة ما يمكن إضافته في هذا المجال سواء على صعيد الجماعة أو الحكومة والدولة، فالدولة ملتزمة بالانسجام مع الشريعة الإسلامية على نحو لن يغير فيه الإخوان المسلمون شيئا ولن يضيفوا إليه شيئا، بل إن ثمة مبالغة على مستوى الدولة والحكومة والمجتمعات في تديين ما ليس دينا، وعمل ما لم يطلبه الدين من الناس، إننا اليوم دولة وحكومات ومؤسسات ومجتمعات وأفراد نطبق ونمارس الإسلام أكثر مما يريد الله! وهذا ليس مدحا بل هو انتقاد، لقد أصبح ضروريا التقليل والتخلي عن التطبيقات الدينية التي لم يطلبها الدين أو لم يكلف بها السلطة والجماعات. وأتحدى أن يخبرنا أحد عن مخالفة للشريعة يمكن أو يجب أن تمنعها السلطة ويمكن أن يفعل الإخوان المسلمون أو غيرهم من المتدينين غير ما هو قائم. يجب التذكير وتكرار التذكير للموطنين والمتدينين منهم بخاصة أنه ليس كل حراما (دينيا) يجب على السلطة أن تمنعه وليس كل فرض ديني يجب على السلطة أن تجبر الناس عليه، وأن مجالات وحدود التكليف الديني للجماعة (الأمة أو السلطة أو المجتمع) محددة ومنصوصة، ومن الغلو والتكلف أن يفرض على الناس ما لم يطلب الله فرضه عليهم، وأن هذه الأحكام والمطالب والتكليفات الدينية لا تجعل الدولة "إسلامية" ولا ينزع عنها الإسلام عدم تطبيقها. لن تصير السويد دولة إسلامية إذا طبقتها ولن يكون الأردن دولة كافرة إذا لم تطبقها. ما علينا

الإخوان المسلمون يمثلون عمليا ثلاث فئات اجتماعية وهو ليس تمثيلا حصريا ولا احتكاريا؛ فئات من الطبقات الوسطى، وفئات من المتدينين، وفئات من السكان تؤيدهم على نحو عشائري أو جهوي، ولا بأس في ذلك على أي حال، لكن يجب أن تعكس البرامج والمواقف والترشيحات والأفكار مطالب ومصالح واقعية وممكنة لهذه الفئات.

في مقدور أي شخص اليوم أن يقدم ويقول ويقترح ما يشاء على يوتيوب مستخدما فوتوشوب والمؤثرات الفنية والإعلامية؛ يمكنه ان يحرر فلسطين من البحر إلى النهر، ويصور معارك وعمليات حربية وانتصارات معقدة ومبهرة، وأن يوحد العرب والمسلمين، وأن يتحدث عن بلاد قوية ومزدهرة.

لكن الجزء الحقيقي والمفيد هو الإجابة ببساطة ووضوح كيف نغير إيجابيا في الحريات والعدالة والنمو الاقتصادي ومستوى المعيشة ونوعيتها في التعليم والصحة والثقافة والسكن والرعاية الاجتماعية.

 

 


 

تابعوا أخبار الأردن على
تصميم و تطوير